إنه الحنين..

إنه الحنين..

لم أعد أستطيع السير في شوارع إسطنبول كما كنت سابقًا. ثمة حنين يفتك بي للعودة إلى أزقة دمشق، أو كما أحب أنا والآلاف من أبناء سوريا تسميتها "الشام". الآن باتت الفرصة متاحة، فقد تلاشى الخوف تمامًا لحظة سقوط النظام، لكن يبقى السؤال يدور في دهاليز ذهني: "كيف سيكون شعوري في تلك اللحظات؟".

أتخيل الموقف بشكل يومي، وأفكر في كل الأماكن التي أود زيارتها، بدءًا من قبر جدتي التي فارقت الحياة ونحن في بلاد اللجوء دون أن تتسنى لنا فرصة وداعها، وانتهاءً بـ.. لا انتهاء.. لم أنتهِ بعد.. ما زلت أحلم بالكثير من الأماكن التي أتمنى زيارتها: أزقة دمشق القديمة، جبل قاسيون الذي يحتضن العاصمة، والربوة، وبيت جن، والجزء المهدم من مدينة القنيطرة. والأمر لم يعد محصورًا بدمشق فقط، فمخيّلتي وأحلامي تسافر بي إلى جميع المحافظات والمدن السورية. أرغب بزيارة النواعير في حماة، والجسر المعلق في دير الزور، وأشتاق لقرية أم الطيور وأحلم بزيارة صليب التركمان في اللاذقية، وبانياس، وحمص، ودرعا، والرقة، وغيرها.

تستمر أحلام اليقظة يوميًا دون توقف، وأختبر مشاعر جديدة كل يوم. إنه الحنين الممزوج بالعجز أحيانًا وبالأمل أحيانًا أخرى، لكن ما يمكنني قوله هو أن الحنين لا يفارقني.