"يعاملون الخبز بطريقة غريبة".. هل نحن السوريون كذلك حقاً؟

"يعاملون الخبز بطريقة غريبة".. هل نحن السوريون كذلك حقاً؟

نشر صانع المحتوى البحريني عمر فاروق على منصة إنستغرام أمس، بتاريخ 21.01.2025، فيديو يعبر فيه عن استغرابه من طريقة تعامل السوريين مع الخبز، مرفقاً بعنوان "الخبز في سوريا ما يتوسخ"، وبدأ بعبارة "السوريين يعاملون الخبز بطريقة غريبة شوي!"

تدوينتي اليوم هي رسالة إلى ضيفنا في سوريا.. صانع المحتوى عمر

العزيز عمر..

هل تعلم ذكرياتنا مع هذه المشاهد التي التقطتها وأبديت استغرابك منها؟ هل تعلم كم الحنين الذي أشعلته تلك اللقطات القليلة التي التقطتها عدسة كاميرتك لتشاركها معنا؟ هل تعلم معنى أن تحتضن تلك المشاهد في دهاليز ذاكرتك منذ الطفولة وتحملها إلى بلاد اللجوء والاغتراب؟

أنا فتاة سورية أبلغ من العمر 30 عامًا، قضيت منها 10 سنوات خارج سوريا، كانت مفعمة بالتجارب مع العديد من أبناء الجاليات العربية والأجنبية في بلاد اللجوء، وتذوقت فيها الكثير من أنواع الأكل والشرب من مختلف دول العالم. تذوقت مختلف أصناف الطعام السوري من جميع المحافظات، وتلذذت بالكثير من الوجبات الشرقية والغربية والمحلية والعالمية. ولكن إلى اليوم، لم أشعر بمتعة تضاهي متعة رغيف الخبز الذي كنت أتناوله ريثما ينتهي والدي من نشر الخبز وإعادة ترتيبه داخل الكيس.. تماماً كما المشهد الذي صورته وشاركته مع الملايين. هذه اللحظات يا عمر لا تحمل مجرد حركة يمكن أن تستغربها أنت والملايين حول العالم، بل هي جزء لا يتجزأ من ذكرياتنا في بلادنا التي نحب، ببساطتها وعاداتها المألوفة لدينا، والغريبة لديك ولدى الكثير حول العالم.

كنت أنتظر والدي وأنظر إليه على بعد مترين أو ثلاثة ريثما ينتهي من جلب الخبز من أحد أشهر الأفران في دمشق، "أفران ابن العميد" بمنطقة ركن الدين. وما إن أشاهده قد حصل على الخبز، أبتسم وأحاول مساعدته، لكنه كما في كل مرة، يطلب مني الجلوس وتناول رغيف خبز ساخن وطازج. أجلس وآكل وأنا أتابع حركات والدي وهو ينشر الخبز ثم يعيد ترتيب الأرغفة فوق بعضها البعض ليدسها داخل كيس الخبز الشفاف. تكررت هذه المشاهد كثيراً في طفولتي، وكنت أستمتع بها في كل مرة كأنها المرة الأولى، وأنتظرها كمن تنتظر هدية قيمة. هي ليست غريبة على أبناء سوريا، بل هي جزء منا ونحن جزء منها.

ولأقول الحقيقة، لم أفكر يوماً حول ما إذا كان الخبز يتسخ أم لا. كان دائماً مشهداً ساحراً ولطيفاً كما عهدته منذ الصغر.. وتعليقاً على قولك يا عمر "يبدو أنهم متصالحون مع الفكرة"، نحن أكثر من متصالحين.. نحن نحبها.