عن صوتٍ يعبر صحراء الخليج ويُعيد ترتيب السمع والدهشة..

عن صوتٍ يعبر صحراء الخليج ويُعيد ترتيب السمع والدهشة..

تسمعني صديقتي وأنا أُغنّي: "حبّني أو حبّ غيري.. صرت في عمري خيال"، للملكة أحلام، فتبدي استغرابها:
"بعرفك بتحبّي صولا!"

من قال إن عشقي لأصالة، لصوتها، وعفويتها، وصدقها، يمكن أن يمنعني من أن أغرق في صوت وحضور الرائعة أحلام؟
أحلام، بقوتها، بحضورها الواثق، بابتسامتها العريضة، بعبارتها التي تخطف القلب: "يلاااا.. كلنا سوااا!"

فيها شيء لا يُشبه أحدًا، شيء يجعلني أستقيم في جلستي حين تبدأ بالغناء؛
فصوتها لا يُطرب فقط، بل يفرض احترامه.
فيه وقارُ المُغنّية التي تعرف تاريخها، وتثق بخطواتها، وتخاطب جمهورها كما لو أنهم عائلتها على المسرح.

يغريني هذا المساء بسماع أحلام.. تلك التي يصمت الضجيج في حضرتها، وتُضيء الأغنية حين تُنشِدها من الأعماق.. التي يتنحّى الوقت جانبًا حين تسمع صوتها.
صوتها ليس مجرد طبقاتٍ موسيقية، بل ريحٌ جنوبية تعبر صحراء الخليج، ثم تهمس للنخل أن يُغنّي.
فيه نبرة عاشقةٍ تُخاطب المدى، وسيدةٍ تعرف تمامًا ما تعنيه الكبرياء حين تُغنّى.

أحلام التي لا تحتاج أن تُشبه أحدًا لتُحب، ولا أن تُغيّر من نفسها لتُرضي.
أغانيها مرايا للعاطفة الخليجية؛ تحمل حنين البادية، وفخامة المجالس، ورقّة امرأة تخبئ بين مفردات "فدوة"، و"تدري"، قصصًا لا تُقال.

وحين تعتلي المسرح.. تُتوّج اللحظة، وتُعيد ترتيب السمع والدهشة.
تقف وقفة من اعتادت العرش.
فستانها لا يلمع وحده، بل تتلألأ معه الثقة.
نظرتها لا تبحث عن التصفيق، بل تُلقي بالتقدير على الجمهور قبل أن ينطقه.

هي امرأةٌ من ذهبٍ خليجيٍّ نُقِشَ على جسده نوتة "مُميّزة".
كلّما رفعت يدها، تاه الضوء في زينتها، وكلّما ابتسمت، بدا المسرح كأنه استراح من صخبه.