"بلا نظام الأسد".. عيد مختلف بغياب القمع وحضور الحنين

"بلا نظام الأسد".. عيد مختلف بغياب القمع وحضور الحنين

"لأول مرة منذ عقود
عيد بلا نظام الأسد"

هذا عنوان لمادة صحفية أعدها الصحفي الفلسطيني هاشم صالحة، ونشرت على منصات TRT عربي اليوم، الإثنين 31 آذار/مارس 2025، أول أيام عيد الفطر المبارك في سوريا.

تتجول الكاميرا في الجامع الأموي ومحيطه، في قلب العاصمة السورية دمشق، حيث انطلقت أول مظاهرة للثورة السورية مطالبةً بالحرية عام 2011. هذا المكان الذي كان شاهداً على أحداث تاريخية لا تُنسى، بعضها كان مظلماً، وبعضها كان شعلة أمل في ليل طويل من القهر.

اليوم، بدت تلك الأماكن تعج بالحياة من جديد، رغم أن الواقع لا يزال يحمل آثار سنوات المعاناة. لكن وسط كل ذلك، تنبض فرحة العيد في وجوه الناس، والعيون التي التقاها الصحفي تعكس أملاً غير محدود في مستقبل أفضل.

"كل شيء كان مصطنعاً"، "شعور لا يوصف".. هذه بعض الكلمات التي قالها السوريون أمام عدسة الكاميرا، لكنها ليست كل الحكاية. ما كان يهم ليس الكلمات بحد ذاتها، بل ما كان خلفها. في عيونهم، كانت الفرحة تحمل طبقات أعمق من مجرد الاحتفال بالعيد، كانت تعبيراً صادقاً عن بداية جديدة، خالية من القمع والظلم، يمكن للحياة فيها أن تنبع من بين الركام، بعيداً عن قيود النظام الذي كبّل البلاد بالاستبداد لعقود طويلة.

"عيد بلا نظام الأسد" ليس مجرد عنوان لفيديو، بل هو تجسيد لمعركة طويلة من أجل الحرية والكرامة. هو تجسيد لسوريا التي تعود إلى نفسها، وإلى أبنائها، رغم كل ما مرت به من محن. إنه عيد لكل السوريين الذين ظلوا يقاومون في صمت، وينتظرون لحظة الخلاص التي تمنحهم حقهم في الحياة بكرامة وأمل. ولا يمكن لأي سوري أن يشاهد هذا الفيديو دون أن يشعر بالحنين، أو على الأقل، بمزيج غريب من الفرح والحزن في آنٍ واحد.

وأتساءل الآن: هل يعلم الصحفي هاشم صالحة كم الحنين الذي أشعله داخلنا، نحن السوريين الذين نقيم في بلاد اللجوء، والذين لم تتح لنا الظروف بعد لزيارة الوطن؟ هل يدرك عمق المشاعر التي تجتاحنا لحظة تأملنا مشاهد هذا الفيديو؟ وهل استطاع أن يرى دمشق – أو كما أحب أنا والآلاف من السوريين تسميتها "الشام" – كما نراها نحن، رغم دمارها وحزنها؟ هل شعر بجمالها الذي لا يزال نابضاً في كل زاوية؟

ربما.. لكن رغم كل تلك التساؤلات التي تجول في ذهني، هناك حقيقة واحدة لا تفارقني: الواقع الذي رآه صالحة وقدمه لنا، والذي يعيشه السوريون اليوم أكثر تعقيداً من مجرد مشهد احتفالي في مدينة لا تزال تئن تحت وطأة الجراح.