ما المحتوى الذي يحتاجه السوريون اليوم؟

نشر الإعلامي السوري المعروف بلقب "الجهبذ" بشر نجار الأربعاء 16 نيسان/أبريل 2025 عبر خاصية القصص في إنستغرام سؤالًا يقول فيه:
"برأيكم شو هو أكتر نوع من المحتوى اللي السوريين بحاجته حالياً؟ عن شو؟"
توقفت عند هذا السؤال كثيراً، وأعدت طرحه في ذهني مراراً..
ما هو المحتوى الذي نحتاجه نحن السوريين فعلاً اليوم؟
كل يوم، عند فتح إنستغرام أو فيسبوك أو يوتيوب، نجد أنفسنا أمام بحر من المحتوى: توعية، تاريخ، رقص، موضة، أخبار، نكات، معلومات، تحفيز، فلسفة، وغير ذلك الكثير.
وفي وسط هذا الصخب، يأتي سؤال بشر ليعيدنا إلى التفكير الجاد:
ما هو المحتوى الذي يحتاجه السوريون حقاً في هذه المرحلة؟
هذا السؤال ليس مجرد فضول أو تنظير، بل يحمل بين طياته ألماً حقيقياً ورغبة صادقة في خلق شيء ذي معنى، شيء يلمس القلوب ويحدث تغييراً ولو بسيطاً.
حاولت التفكير بصوت عالٍ، ومن خلال معاينة الواقع من زوايا قريبة لكل فئات المجتمع، خرجت بهذه الأفكار الأولية، التي قد تشكل نواة لشيء أكبر.
أنواع المحتوى المفيد للسوريين اليوم: من التوعية إلى الترفيه الهادف
1. محتوى توعوي بدون تعالٍ
الناس أنهكتها المواعظ، لكنها ما تزال عطشى للمعرفة الصادقة والمبسطة.
محتوى يوضح كيفية الاهتمام بالصحة النفسية، إدارة الشؤون الاقتصادية، العمل عبر الإنترنت، التطور الذاتي، التعلم، البحث عن فرص العمل، واكتساب الثقافة بشتى مجالات الحياة بطريقة تحترم عقل المتلقي وتراعي ظروفه الصعبة.
2. محتوى ترفيهي ذكي
الضحك أصبح حاجة ملحة، وليس ترفاً.
مطلوب محتوى ساخر وذكي نابع من واقعنا ولغتنا ونكاتنا اليومية، بعيد عن السطحية، بل ينبض بالقصص الحقيقية من قلب الشارع ومن قسوة الحياة اليومية.
3. محتوى يفتح آفاق الأمل
محتوى يقدم حلولاً عملية ويعرض قصصاً حقيقية لأشخاص تمكنوا من تغيير حياتهم رغم الصعوبات. الناس بحاجة إلى خريطة، ولو كانت بسيطة، تشير إلى إمكانية التعلم والعمل وتحقيق الذات.
4. محتوى يعكس الهوية المحلية
محتوى يعبر عن الهوية السورية بكل تفاصيلها: لهجتنا، أكلاتنا، شوارعنا، مصطلحاتنا، وعاداتنا.
محتوى يقول للناس: أنتم تملكون شيئاً قيّماً، يستحق أن يُروى ويُسمع.
5. محتوى مخصص للسوريين المغتربين
محتوى يربط السوريين في الخارج بوطنهم الأم، وينقل إلى أبنائهم معالم الهوية السورية، من لهجة الجدات إلى طعام الأمهات، ومن صور الحارات القديمة إلى الحكايات الشعبية.
6. محتوى يواسي
هناك من لا يحتاج اليوم إلى معلومة أو نكتة أو تحفيز، بل يحتاج فقط إلى كلمة دافئة: "لست وحدك".
محتوى يتحدث عن الألم، الضياع، والضغط، ليشعر الشخص أنه مفهوم ومسموع.
7. محتوى يدعو إلى الالتفات للداخل
كثيرون يشعرون بالشلل والتيه.
محتوى بسيط يحفز على القيام بخطوة صغيرة، تغيير عادة، أو التفكير بطريقة مختلفة، قد يحدث فرقاً كبيراً.
تحفيز واقعي، بعيد عن الوهم والتزييف.
8. محتوى "بناء الدولة والمواطنة الواعية"
في هذه المرحلة المفصلية، نؤمن أن بناء الدولة الحديثة لا يكتمل دون مواطن واعٍ، يمتلك فهماً حقيقياً لدوره ومكانته.
ينطلق هذا المحتوى بنبرة إيجابية، واقعية وملهمة، بعيداً عن التخوين أو الخطابات الحادة، مركزاً على الحلول، وزارعاً بذور التفاؤل بالمستقبل. نسعى من خلاله إلى خلق شعور عميق بالانتماء والمسؤولية الجماعية، بعيداً عن الإحباط والسلبية.
أهداف هذا المحتوى:
-
تبسيط المفاهيم السياسية والاجتماعية المعقدة وربطها بالواقع اليومي، ليصبح الفهم السياسي جزءاً من الحياة اليومية لا أمراً نخبوياً بعيداً عن الناس.
-
توعية الأفراد بحقوقهم وواجباتهم في الدولة الحديثة، مع التأكيد على أن المواطنة ليست فقط حقاً، بل مسؤولية متبادلة تجاه المجتمع والدولة.
-
تعزيز فكرة المشاركة المدنية والسياسية الإيجابية، من خلال عرض أمثلة حقيقية لإحداث التغيير بالمبادرات الفردية والجماعية.
-
تحفيز التفكير النقدي تجاه الوضع الراهن، بطريقة واعية وموضوعية، تبتعد عن التعميمات والانفعالات، وتركز على فهم الأسباب والسعي نحو الحلول.
-
دعم بناء ثقافة المسؤولية الفردية والجماعية، لتكون كل خطوة يخطوها الأفراد جزءاً من مسار إعادة بناء الوطن وإحياء مؤسساته على أسس متينة وعادلة.
ختاماً
قد لا تكون هذه الأفكار كاملة أو نهائية، لكنها محاولة لإعادة ربط "المحتوى" بالحاجة الحقيقية والإنسانية.
فإن كنت تفكر في صناعة محتوى... فكر:
-
ما الذي كنتُ بحاجة لرؤيته قبل عام، أو شهر، أو حتى بالأمس؟
-
وماذا لو كنتُ أنا الشخص الذي يصنعه؟