من أكون؟.. نسيت لكن قلبي تذكر

من أكون؟.. نسيت لكن قلبي تذكر

استيقظتُ وكأنني لا أعرفني
كأن كلَّ شيءٍ مألوف، لكنه ما عاد يخصّني
مرآةٌ لا تعكس سوى وجهٍ فارغ من التفاصيل،
واسمٌ لا يوقظ فيّ أيَّ ذكرى.

سألتُ نفسي: "من أكون؟"
وسؤالٌ كهذا لا يُجاب عنه بجملة
بل بصمتٍ طويل
ثم برحلةٍ تبدأ من الداخل

قد أكون أنثى فقدت ذاكرتها،
لكنني لم أفقد إحساسي تجاه الأشياء.

ما زالت دمشق تربكني..
مجردُ ذِكرها يوقظ فيّ شيئًا يشبه الحنينَ الموجع،
ذلك الشوقُ المخبوء، الذي لا نكتشفه إلا حين نعود.

أنا أكتب، أو كنتُ أكتب
وكانت كلماتي تحاول أن تُصلِح شيئًا ما
شيئًا في العالم، أو شيئًا في نفسي.
ربما كنتُ صحفية،
وربما كاتبة،
أو ربما امرأة تبحث عن صوتها وسط الضجيج.

أحببتُ التفاصيل الصغيرة:
كوبي الصباحي
لمعة الشمس على حيطان الغرفة
أغنيةٌ تسرقني من يومي
ولحظةُ صمتٍ أهرب فيها من كل شيء.

وكان لي حلم..
مكانٌ بسيط لكنه راقٍ، فيه أقمشةٌ وألوانٌ وحكايات

أنا لا أذكر كلَّ شيء..
لكني أذكر هذا الإحساس الذي لا يزول:
أنني خفيفةٌ على العالم كالفراشات،
أترك أثرًا ناعمًا دومًا

أنا الآن في المنتصف:
بين ما كنتُ، وما قد أكون.
وهذا ليس ضياعًا.. بل بدايةٌ جديدة.
سأعيد بناء نفسي من الداخل،
وسأحبّني، حتى وإن لم أعرفني تمامًا.

وإن سألتني مرةً أخرى: "من أكون؟"
سأبتسم،
وأجيب بصوتٍ واثق:
"أنا التي لا تنسى نفسها، حتى حين تفقد الذاكرة"